كتب - وداد طه - سارة محمد
إن مشاركة أهل أطفال الطيف في تنفيذ البرنامج التأهيلي والعلاجي المناسب لأطفالهم مهم بدرجة كبيرة لما تتمتع به من مميزات مثل توافر مشاركة الأطفال في أغلب أوقاتهم ومشاركتهم وجدانياً وعملياً في كل المشاكل التي تواجههم سواء كانت في المنزل أو الخارج ، وتقديم بيئة تعليمية وتقويمية مناسبة لهم فيكون الأمر أكثر فاعلية وإنتاجية في البيت ، ويكون دور الأهل فعال في تلك المرحلة إذا كانوا علي قدر كافي من التعليم والخبرة للتعامل مع ذلك الاضطراب في سبيل تطوير الأطفال بصورة أمثل
دور الأهل الفعال
وقالت ميار محمد رفعت ، أخصائي مثالي في التربية ، أنه يجب علي أطفال الطيف أخذ جلسات أو العرض علي أخصائي مهما كان دور الأهل فعالاً ، ويكمن دور الأهل في أن طفل التوحد يتعرض لهم أكثر من الأخصائي بشكل طبيعي ، فينقل ولي الأمر للأخصائي كل ما يحدث معهم .
وأشارت "محمد" إلي أن طفل التوحد يحب الروتين لذلك يجب أن يتقبل الأهل فكرة وجود اضطراب طيف التوحد لدي أطفالهم كخطوة أولي لتأهيلهم ، ويجب الالتزام بالمواعيد الخاصة بهم في كل شئ مثل إذا تعود علي الاستيقاظ الساعة 6 صباحاً فيجب إيقاظه في ذات الوقت أما الخطوة الثانية هي التركيز علي الإيجابيات الخاصة بهم فإذا قاموا بأي سلوك إيجابي يجب التركيز عليه لأن ذلك محرك إيجابي بالنسبة لأطفال الطيف ، وتعزيز ذلك السلوك فيهم بأي فعل أو غرض محبب لهم ليستمر ذلك السلوك معهم .
أما ثالث خطوة مهمة للأهل هي فهم سلوكيات الطفل التوحدي جيداً حيث تتميز تصرفات بعضهم بالفرفرة بمعني تحريك أياديهم بشكل متكرر والبعض الأخر يمتلكون متلازمة تجعلهم يدورون حول أنفسهم فيجب أن يتفهم الأهل كل الوضعيات الخاصة بهم والتعامل معها بالصبر وعدم العصبية بتاتاً .
والخطوة الرابعة هي تركيز الأهل علي تعبيرات الطفل الغير اللفظية حيث أن بعضهم لا يمتلك الحصيلة اللغوية الجيدة التي تؤهلهم للتحدث الطبيعي لذلك يجب التركيز جيداً علي تعبيرات الوجه وحركات الأيدي وكذلك المثيرات الحسية حيث يمتلك الكثير من أطفال التوحد مثيرات حسية تؤذيهم مثل التأثر بشكل سلبي جداً من الأصوات العالية ويجب الوعي ومعرفة الأهل بما يؤثر علي أطفالهم لأخذ الاحتياطات اللازمة وتجنبها .
وأوضحت الأخصائية ميار محمد أنه يجب عدم الخجل من حالة الطفل التوحدي ويجب علي الأهل إخراجه من المنزل لأن علاج المشكلة لن تحل ببقائه فيه طوال الوقت ، مؤكدة علي وجوب مشاركة أطفال الطيف للحياة الاجتماعية مع الأهل خارج المنزل .
وأكدت نورا فارس ، أخصائية تخاطب وتعديل سلوك ، علي حديث الأخصائية ميار محمد حيث أن أول واجب علي الأهل هو تقبل حالة طفلهم وفهمه والوعي اللازم بما يعانيه الطفل التوحدي ، مشيرة إلي وجوب فهم الإشارات والسلوكيات الخاصة به مثل عدم حبه للأصوات العالية واللمس بطريقة مباشرة ، ويجب تدوين الأفعال التي تزعج أطفالهم وإخبار الناس بعدم لمسهم وعدم رفع أصواتهم بجوارهم حتي لا يجعلوهم يخافون منهم .
وقالت "فارس" أنه يجب عرض الطفل التوحدي علي أخصائي بشكل أساسي لبدء مرحلة علاجه والاستماع لكلامه ومساعدته في عملة مع الطفل ، مشيرة إلي أنه يجب تعزيز الطفل التوحدي بمكافأة يحبها فوراً عند قيامه بسلوك إيجابي حتي إذا كانت مكافأة بسيطة كإعطاءه قبلة ، ويجب أن يكون الأهل مصدر أمان له ويتقبلون حالة الطفل ليس بالبكاء بجواره بل بحمايته من التنمر وتشجيعه وإعانته علي أن يكون شخصاً أفضل .
وأوضحت الأخصائية نورا فارس أن أهم فعل يجب علي الأهل القيام به هو بدأ مرحلة التأهيل مبكراً فور اكتشاف الاضطراب ويفضل البدأ من سن العام والنصف لو تم التأكد أن الطفل توحدي ، مشيرة إلي أن دور الأسرة ليس دوراً بسيطاً وإنما هو دور مركزي في عملية التأهيل حيث تساهم بشكل كبير في تنمية قدراته التواصلية والإدراكية .
إرشادات منزلية
وأكدت "فارس" أنه يجب التعامل مع الطفل جيداً في المنزل من قبل كل من يعيش فيه وإعطاءه كل الاهتمام وإشعاره أنه طبيعي وليس به مشكلة ، وأهم التعليمات التي يجب القيام بها في المنزل هو إبعاد الطفل عن الهاتف ووسائل السوشيال حيث أن هذا يزيد من أعراض التوحد ويؤدي لزيادة قلة التواصل الناشئة بين الطفل والعالم الذي حوله .
وبينت أخصائية التخاطب وتعديل السلوك أنه يجب العمل مع الطفل التوحدي كل يوم ليس يوم أو يومين في الأسبوع بالإضافة أن اللعب مهم جداً فيمكن أن تعمل الأسرة مع الطفل من هذا الجانب وكل ذلك مع جلسات التخاطب ، ولتقوية الروابط يجب أن تعمل الأم مع الطفل عن طريق تعليمه أسماء الأجسام التي حوله وكيفيه عملها وكل ما يراه أو يلمسه لأن ذلك يزيد أيضاً الإنتباه الخاص به ، وتعمل مشاركة الطفل لاهتماماته ووظائفه علي تحقيق أهدافه وعمل كيان مميز خاص به .
العلاج النفسي للأهل
بينما قال محمود الأصفر ، مدير عام مجموعة رؤية للتدريب والأبحاث الخاصة بالتوحد ، أنه في مرحلة التأهيل يلتحق بها مجموعة من المداخلات أبرزها هم الأهل حيث أن للأهل دور أساسي في عملية التأهيل وهم في الحقيقة الحلقة الأضعف في هذه العملية ، مؤكداً علي أن الأهل يحتاجون أولأ جلسات من العلاج النفسي لتقبل الحالة لأن الأمر ليس سهلاً .
حيث يكتشف الأهل بين ليلة وضحاها أن طفلهم العزيز عليهم يعاني من اضطراب التوحد والبعض منهم يصابون بصدمة تجعلهم يرفضون تقبل الحالة وبالتالي يتعاملون مع ذلك الطفل علي أنه طفل عادي مما يؤدي إلى تدهور حالة الطفل وصعوبة تأهيله في المستقبل .
وأشار "الأصفر" إلي أن هناك حالات شاذة تعيق عمل الأسرة الإيجابي مثل التشتت الأسري أو التفكك الأسري سواء كان بشكل كبير مثل الانفصال أو الطلاق وهذه الحالات لا تساهم بشكل كبير في عملية تأهيل طفل طيف توحد وتؤثر سلبياً عليهم ، وإن مُثلت تلك الحالات من الأسر على الأطفال العاديين فسوف تخلق مجموعة من الانطباعات السلبية .
أسس وبرامج تدريبية
وأكد محمود الأصفر علي أهمية فهم الحالة المتعلقة بالطفل من أجل رفع مهاراته السلوكية والتواصلية فلابد من الاشتراك مع فريق من الأخصائيين للقيام بنظام تدريبي بحيث يُخصص للطفل نظام عمل متكامل بداخل مركز أو جمعية ، وكذلك يجب أن تكون هناك مجموعة من الأنشطة الحركية والأنشطة المتعلقة بالتواصل البصري .
بالإضافة للجانب التعليمي المتعلق بتنمية التركيز وذلك من أجل تنمية مهاراته وقدراته الإدراكية بالإضافة لبرنامج يومي بين الأهل والطفل يستهدف الأركان الأساسية في عملية التأهيل ، مشيراً إلي أنه يجب علي الأسرة العمل مع طفلها وفق سلسلة من البرامج العلاجية ليس برنامج واحد مع مراعاة قدرات الطفل الذهنية والسلوكية .
وأوضح المدير العام لمجموعة رؤيا لتدريب التوحد أن الأركان الأساسية في عملية التأهيل تتكون من 4 أركان ، أولها الاستقلال الذاتي والذي لا يمكن له أن يتحقق إلا عن طريق تقوية أداء الطفل في الجانب المتعلق بمهاراته الحياتية كي يعتمد علي نفسه في إنجاز أموره الشخصية مثل النظافة الشخصية وطريقة الأكل وتنظيم أغراضه وغيرها من الأنشطة التي تساهم في ذلك والتي تقوي استيعابه وتفاعله الإيجابي مع الحياة اليومية .
أما الركن الثاني هو الإدراك الحسي ويعتبر من أهم الأركان حيث يقوم الطفل بتسمية الأشياء والتفاعل مع أي غرض يدركه عن طريق حواسة الخمسة وهذا يحتاج الي سلسلة من الأنشطة الأساسية بشكل كبير ، والركن الثالث متعلق بالمفاهيم العامة المتعلقة بالجري أو الطبيعة كالاشجار أوالحيوانات وغيرها من المجالات وهنا يبدأ الطفل بتشكيل مجموعة من المعاجم اللغوية وإدراك ما يحيط به بشكل متراكم .
ويتكون الركن الأخير من إدراك اللون والأرقام والكتابة والقراءة ويتعلق بالجزء التعليمي ، ويركز عليه مجموعة من الأسر منذ البداية ويهملون با قي الأركان وهذا خطأ لأن الأركان الأخري مساهمة بشكل كبير ومفيدة في تنمية الطفل وإدراكه للألوان والأرقام ، وتكمل جميع الأركان بعضها في سبيل تكوين شخصية إيجابية لطفل طيف التوحد .
وبين "الأصفر" الأنشطة الخاصة بطفل التوحد منها الأنشطة الحركية والهدف منها تقوية الإدراك الحركي للطفل وامتصاص الحركة الزائدة ، موضحاً أنه يجب علي الأسرة معرفة التغذية العلاجية لأطفال الطيف مثل تجنب كل من السكريات والمأكولات المصنعة وكذلك المنبهات ومشتقات الحليب وغيرها .
وأوضح محمود الأصفر أنه يجب التعلم والتدريب علي أنظمة السلوك مثل نظام ليڨيا أو ايڤليز وفهم طريقة تحليل السلوك والبعد التعبيري لذلك السلوك وذلك لدراسة الضرر المتكون في التعبير الخاص بطفل التوحد ، ويمكن للأسرة التعرف علي كل ذلك من خلال الاستعانة باليوتيوب وتنمية مهاراتها المعرفية .