كتب - ياسمين عبد الفتاح - سارة محمد
يصعب علي العديد من الأسر بناء روابط تواصل مع أطفالهم ذوي اضطراب طيف التوحد حيث يواجه أطفال الطيف صعوبات في تنمية مهارات التواصل الاجتماعي ، والذي يعتبر هاماً جدًا لتمكينهم من الاندماج والتفاعل بشكل أفضل مع من حولهم خاصة أسرهم ، وتعمل الأسرة في إطار ذلك علي البحث عن أساليب مناسبة مع الخبراء والمتخصصين تمكنها من تقوية التواصل بينها وبين أطفالهم فهم يلعبون دوراً فعالاً في تعزيز مهارات التواصل لديهم .
فوائد بناء التواصل
قالت إيمان الحديدي ، أخصائية اضطرابات اللغة والتواصل ، أنه يجب علي الأسر الاهتمام بتقوية علاقة التواصل مع المركز الخاص بعلاج وتأهيل طفل التوحد ، وإنشاء حلقة متواصلة من تبادل المعلومات فإذا ظهر أي تناقض ما بين المنزل والمركز قد يؤدي ذلك إلى إرباك وقلق للطفل ويُصبح أقل قابلية للتحسن .
وأشارت "الحديدي" إلي أنه عند نجاح هذا التعاون والترابط يحد من أعراض التوحد كلها أو بعضها لدى طفل الطيف ، وهنا يمكن أن يستفيد الطفل المصاب بالتوحد من برامج الدمج ، ويواصل تعليمه في المدارس العادية بعد أن يتم تهيئته حتى ينجح الدمج ، مؤكدة أن هناك أمثلة لمن استطاعوا إنهاء دراستهم الجامعية من المصابين باضطراب التوحد .
وبينت الأخصائية إيمان الحديدي أن أثر مشاركة الأسرة بالتعاون مع المركز يجب أن تكون في جميع مراحل التدخل "التشخيص والعلاج والتقييم" ، وكلما كانت الأسرة متعاونة مع الفريق العلاجي التربوي لتطبيق الخطط العلاجية والتعليمية كانت النتائج المرجوة أفضل لاسيما أن علاج التوحد جزء كبير منه يعتبر تعديل سلوكي للطفل .
بينما أكدت سماء حسن ، أخصائية تخاطب وصحة نفسية ، علي حديث الأخصائية إيمان الحديدي حيث أنه في حال قيام طفل التوحد بإحداث مشكلات سلوكية في المركز التأهيلي لا يقوم بها في المنزل فمن المحتمل أن يكون الأب قد طور استراتيجية معينة للسيطرة على هذا السلوك في المنزل لكن المدرب في المركز ليس على دراية بها وبالتالي فإن من المهم أن يقوم الأب والمعلم كلاهما بمناقشة المشكلات السلوكية للطفل والوصول لحل مناسب للتعامل مع هذه المشكلات .
وقالت "حسن" أن استراتيجيات الأبوة والأمومة الإيجابية تبث شعوراً بالأمان والحب لدي أطفالهم ذوي التوحد ، وهذا بدوره يساعد في تطور حالتهم بالإضافة لبث روح التعاون في العائلة والصمود في وجه التحديات وعدم الشعور بالإرهاق خاصة عندما تصبح المهام والروتين مسؤولية مشتركة .
كما أشارت أخصائية تخاطب وصحة نفسية إلي أهمية التواصل البصري حيث يجب أن ينتبه الأهل للأساليب التي تبني هذا التواصل خاصة إذا كان الطفل ذو طيف توحد والأهم هو التدخل السليم والسريع إذا كان طفل طيف التوحد يتأثر بصورة سلبية من شاشات الهاتف أو التلفزيون ويضعف تواصله ، ويجب التدخل الفوري لمعالجة الاضطرابات الحسية لديه وضعف تواصله وعزلته لتسريع عملية التواصل ولا تسوء حالته أكثر .
طرق بناء التواصل
وأوضحت الأخصائية إيمان الحديدي طرق بناء التواصل لدي أطفال طيف التوحد عن طريق تمارين بسيطة في المنزل تزيد من شدة الإنتباه لديهم مثل اللعب معهم بفقاقيع الصابون وفتح الأم لقلم الليزر أو كشاف الإضاءة في الغرفة وتركيز انتباهه إتجاه الإضاءة ونفخ البالونات وتطيرهم ، مؤكدة علي أهمية حساب مدة الإنتباه حتي لو كانت ثانية أو ثانيتين .
وبينت "الحديدي" أنه بعد أسبوع من القيام بهذه التمارين تزيد شدة الإنتباه إلي 15 أو 20 ثانية وسيكون من الجيد تزويدهم بتمارين أصعب ، مشيرة إلي أن هؤلاء الأطفال لديهم دافع كبير داخلي يحثهم علي الإنتباه والاستجابات الاجتماعية والعاطفية مثل رغبتهم في العناق والابتسام بصورة متكررة ولكنهم يفتقدون للتفاعل بشكل إيجابي وفعال مع الآخرين .
بينما قال شريف محمد ، أخصائي توحد واضطربات تواصل ، أن هناك أنظمة تواصل تساعد الأسر مثل لغة الإشارة إذا كان للطفل درجة عالية من درجات اضطراب التوحد أو يصاحبه إعاقة سمعية بالإضافة للصور المصورة والتي تساعد في تلقينه معاني الأشياء أو لوحات الاتصال التكنولوجية التي يستخدمها بشكل سليم بصورة تفيده في مرحلة التأهيل ويساعده في التعبير عن احتياجاته ورغباته حتى لو كانت لديه صعوبات في التحدث .
وأكد "محمد" أنه يجب خلق بيئة خالية من المشتتات هادئة لتحسين التواصل وتجنب الضوضاء التي تزعج أطفال الطيف والمشتتات البصرية التي تضعف تركيزه وذلك لمساعدته علي تحسين شدة انتباهه بالإضافة لدمج أنشطة اللعب خلال يومه حتي تزيد فرص التفاعل والاتصال من خلال الحديث والتفاعل الحادث بين أفراد الأسرة والطفل .
كما أوضح أخصائي التوحد شريف محمد أن تشجع الطفل علي التواصل ومكافأته أثناء اللعب معه يعزز النشاط الاجتماعي والتفاعلي لديه ، مشيراً إلي أهمية التدريب المكثف والمتكرر الذي يساعد علي تنمية مهارات طفل طيف التوحد ، ويتطلب ذلك صبر ومرونة كبيرة في التعامل معه وفقًا لاحتياجاته لتطوير مهارات تواصله واكسابه معرفة جديدة .
وبين "محمد" أن عمل الأسرة مع فريق متعدد التخصصات يضم معالجين نفسيين ومعلمين متخصصين متفهمين لحاله الطفل وأخصائيين لغة يساعد علي تأهيل الطفل بصورة كبيرة وفرصة علاجه وتعامله بشكل يتناسب مع أقرانه كما يساعد علي ضمان برنامج متكامل لتطوير مهارات تواصله ، مشيراً إلي أن الأمر يتطلب جهدًا مستمرًا ولكن بالصبر والتدريب المناسب لكل طفل توحد تتحسن قدراتهم على التواصل بشكل ملحوظ .