كتب - شدن علاء
يعاني مصابي التوحد في مصر من قلة المراكز الطبية سواء كانت حكومية أومتخصصة بالإضافة للمؤسسات والجمعيات التي تهتم بذوي القدرات الخاصة ، وتفتقر بعض المحافظات من وجود المراكز أو الجمعيات التي تدعم أطفال الطيف وفي ظل ذلك تعاني أسر التوحد نظراً لقلتها لأن أغلب المراكز تكون شاملة لذوي القدرات الخاصة وليس التوحد فقط وذلك في ظل انتشار اضطراب التوحد بصورة متزايدة بمرور الزمن .
نُدرة المراكز الحكومية
وقال الدكتور أحمد عبد الهادي ، استشاري تخاطب وتعديل سلوك وتربية خاصة ، أن مرض التوحد يحتاج إلي مجهود كبير جداً واستمرارية وعلاج مُدعم لكونه مكلف وباهظ الثمن ، وعدد المراكز الحكومية التي تقدم الخدمة لمصابي التوحد محدودة جداً وفي بعض المحافظات شبه معدومة ، مشيراً إلي أن المراكز الحكومية الموجودة لم تعد قادرة علي استيعاب عدد الحالات الكثيرة .
وأوضح "عبد الهادي" أن قوائم الانتظار الطويلة المقدرة بآلاف الأطفال يمكن أن تستغرق شهور لتشخيص حالة الطفل مما يؤدي إلي مضاعفات لطفل التوحد إذا لم يتم تشخيصه مبكراً وعلاجه بأسرع وقت ، مبيناً أن بعض الأسر في أحد محافظات مصر يضطرون إلي السفر من محافظة لأخري حيث يوجد بها مؤسسات ومراكز وجمعيات حكومية للأطفال ذوي التربية الخاصة ، وأغلبهم يهاجرون خارج البلاد باحثين عن أطباء واستشاريين متخصصين ومراكز حكومية لعلاج تلك الحالات .
وأشار استشاري التخاطب وتعديل السلوك إلي أن السفر من مكان لأخر مكلف جداً وطفل التوحد يصعب عليه التأقلم والتفاعل في بيئة جديدة مع أشخاص غريبة عليه ، ويجعل ذلك الأسر تحت ضغط مستمر وخوف دائم ومما يحيط الأسر بحالة من العزلة لكونهم مُغتربين تجنباً لنظرة الناس والمجتمع لهم .
مصاعب علاج التوحد بمصر
وأكد استشاري التخاطب أحمد أن الأطباء المتخصصين في علاج التوحد والأخصائيين عددهم قليل في مصر وأغلبهم يستكملون دراساتهم خارج البلاد سواء كانت دول أوروبية أو خليجية طامحين في فرص عمل أكبر وتحقيق ربح أعلي لأن الدولة لم تدعمهم ولا تعطيهم حقهم بشكل كامل حيث يقل الاهتمام بهم .
وصرحت الدكتورة هبة الرئيس ، أخصائية نفسية ومعلمة بأحدي المؤسسات الحكومية ، أن عدد المصابين بالتوحد في مصر تعدي المليون طفل ويوجد ازدياد يوماً بعد يوماً مقارنة بعدد المراكز الحكومية المتاحة القليلة جداً لاستقبال مثل تلك حالات .
وأوضحت "الرئيس" أنه لابد من وجود دور للدولة سريع وفعال ويجب بذل الجهود الكافية لحصر أعداد المصابين بطيف التوحد والحد من ازدياد العدد بالتشخيص المبكر في السنوات الأولي ، وتوفير مؤسسات ومراكز حكومية لتقديم الخدمات المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة وعمل برامج أونلاين تدريبية علاجية أيضاً .
دور أسر طيف التوحد
وأكدت الدكتورة هبة الرئيس علي وجوب نشر الوعي والتفاهم مع أهالي أصحاب التوحد وتعليمهم كيفية التعامل مع الطفل المصاب والتفاعل معه ودمجه في المجتمع دون الخجل منه وتغيير النظرة السلبية الموجهه إليه ، واكتشاف مهاراته التعليمية والفنية وتنميتها لتطوير الطفل ورفع استجابته العلاجية بداية من مرحلة التشخيص وحتي الوصول إلي مرحلة التأهيل المهني .
وأشارت "الرئيس" إلي أهمية دور البيت والأسرة وثقافتها وتوعيتها الكافية فهي مهمة جداً في استجابة طفل اضطراب طيف التوحد للعلاج لأنه بحاجة مستمرة للتدريب والتأهيل لزيادة اندماجه وتفاعله في المجتمع بجانب الجلسات الخاصة بالمركز .
الوعي الأسري
بينما قالت الدكتورة أميرة عبد العزيز ، أخصائية نفسية ومؤسسة برنامج تدريبي تأهيلي لأطفال طيف التوحد ، أن الاضطراب يختلف من طفل لطفل أخر من حيث السن والمستوي وغياب المركز بعدم التدخل المبكر والذي يؤخر من تحسين حالة الطفل ويمكن أن يزداد الأمر سوءاً وتعقيداً لأنهم يحتاجون لعلاج وتأهيل مبكر وذلك لتعديل سلوكهم وعلاج المشاكل اللغوية ويحتاج كل هذا وقت كافي وجهد شاق جداً .
ووجهت "عبد العزيز" رسالة تحث فيها المسؤولين في جميع المؤسسات علي أهمية إنشاء مراكز ومؤسسات حكومية تختص فقط بأطفال طيف التوحد حيث يختلف درجة مرض كل طفل عن الأخر ويجب عمل أماكن مختصة لكل مجموعة متشابهه من الحالات لأن كل حالة تختلف في طريقة علاجها حسب التشخيص .
ولا تتواجد نفس الأعراض والسلوكيات لدي كل أطفال التوحد فبعض الأطفال المصابون يميلون للعزلة الشديدة وعدم القدرة علي الكلام والتعبير عن الذات ولا يتفاعلوا مع الأسرة ولا المجتمع وبعضهم لديهم فرط حركة وتشتت انتباه وسلوك غير نظامي ونمطيين وتصرفات كالصراخ بصوت عالي بالأماكن العامة .
وحرصت الدكتورة أميرة عبد العزيز علي إنشاء جلسات ارشادية للأهالي تختص فقط بأطفال التوحد لرفع أهمية الوعي الأسري والاجتماعي وكيفية التعامل مع هؤلاء الأطفال لأن ذلك في غاية الأهمية لتطوير الطفل وتحسينه وتقبله في المجتمع .
وقالت "عبد العزيز" أن غياب المراكز الطبية الحكومية والمؤسسات التابعة لها عَرضت الأسر إلي اللجوء للمراكز الخاصة والأهلية واستغلالهم مادياً ونفسياً وصحياً وعدم تقديم أي خدمات فعلية للطفل خلال الجلسات ويمكن وصول الجلسة إلي 300 جنية وأغلب الأطفال يتعرضون لمضاعفات وليس استشفاء لسوء الاهتمام والعلاج الخاص بهم ، مؤكدةً أن غياب رقابة الحكومية سبب في استغلال المراكز الخاصة لأسر مصابي أطفال اضطراب طيف التوحد