كتب - شدن علاء
تعاني فئة المصابين باضطراب التوحد من صعوبات كبيرة في المجتمعات ، ويواجه الأهالي معاناة أكبر بصورة مستمرة في توفير بيئة مناسبة لتعليم هؤلاء الأطفال وتوفير مراكز العلاج وجلسات التأهيل بسعر ميسر عليهم فأغلبهم يلجأون للمراكز والمؤسسات الخاصة لقلة وندرة المراكز الحكومية لتعاني من استغلال المراكز الخاصة تحت مسمي طبي ، فالهدف من هذه المراكز والمؤسسات الخاصة هي التجارة والربح وكسب الأموال فقط بالمقابل تعطيهم خدمات علاج وهمية وتسوء حالة بعض الحالات وترجع لنقطة الصفر .
معاناة أسر التوحد
وقالت إيمان السيد أحمد من محافظة الجيزة ، والدة محمد المصاب باضطراب التوحد ويبلغ من العمر11 سنة ، أن ابنها ظهرت عليه أعراض التوحد بداية من سن الثلاث سنوات وعانت كثيراً في إيجاد مركز علاجي يساعدها علي تحسين حالة محمد وتم استغلالها مادياً كثيراً في المراكز الخاصة .
وأشارت "السيد" إلي أن ابنها تعرض للتعذيب بداخل أحد المراكز التأهيلية الخاصة ، وكان الطفل يعاني من تأخر بالنطق وليس لديه القدرة علي قول ما يحدث له بداخل المركز ، موضحةً أن ابنها أصبح شديد العصبية والتوتر والخوف وزادت لديه العدوانية إتجاه أي شخص أخر وتدهورت حالته ولا يستجيب لأي أوامر موجه له .
واكتشفت الأم ذلك عندما لاحظت ظهور كدمات وبقع زرقاء أثر الضرب علي جسم الطفل بالإضافة لبكاءه وصراخه بصوت عالي بمجرد وصوله للمركز وكانت تتوقع بأن الولد يخاف من تغيير المكان فقط واتضح أن ذلك التصرف ناتج عن ما يعانيه الطفل بداخل المركز .
بينما قالت رباب عطية من محافظة القاهرة تبلغ 45 سنة ، والدة عبد الله المصاب باضطراب التوحد ويبلغ 14 سنة ، أن أعراض التوحد ظهرت عليه قبل أن يتم العامين فتوجهت به إلي أطباء كُثر واتفقوا جميعاً بأن ابنها يعاني من اضطراب طيف التوحد .
وأوضحت "عطية" أن تجربتها مع المراكز الخاصة كانت صعبة ومتعبة للغاية حيث كانت أغلب الأدوية التي يعطوها للطفل عبارة عن مسكنات ومهدئات فقط وليس لها أي علاقة بالعلاج الذي يحتاجه ابنها ، وكانت تلجأ للمراكز الخاصة علي يقين أنهم سيهتمون بابنها علي أكمل وجه وستتحسن حالته ويتم علاجه بطرق متقدمة .
ولكن بعد تلك المصاريف الكثيرة والمبالغ فيها علي الجلسات العلاجية كانت النتيجة عكسية تماماً حيث أصبح الطفل أكثر عصبية ولا يهدأ إلا بتناول المهدئات التي تعود عليها بالمركز وأصبح مدمناً عليها وإذا لم يتناول الجرعة يضرب رأسه بالحائط ويظل يصرخ وكأنه يتعرض لضرب مبرح وعنيف .
وبينت رباب عطية أن ابنها عبدالله تم فصله نهائياً من المدرسة التي كان يدرس بها بسبب تدهور حالته النفسية والسلوكية وصعوبة السيطرة عليه بداخل المدرسة ، وفي بعض الأحيان يقوم بضرب زملائه وكل من يقترب منه سواء كانوا مدرسين أو أخصائيين ، مشيرةً بألم أن المركز التأهيلي الخاص هو السبب الرئيسي في حرمان ابنها من التعليم .
وأوضحت "عطية" أن المراكز التأهيلية الخاصة تحتاج إلي رقابة مشددة من الدولة ويجب تأديب كل من يستغل هؤلاء الأطفال ويعمل علي استنزاف أهاليهم مادياً ونفسياً بدفع غرامة مالية كبيرة أو الحكم بغلق تلك الأماكن الغير مرخصة أو الغير مؤهله للعناية بمثل تلك الحالات .
وأشارت "الرئيس" إلي أهمية دور البيت والأسرة وثقافتها وتوعيتها الكافية فهي مهمة جداً في استجابة طفل اضطراب طيف التوحد للعلاج لأنه بحاجة مستمرة للتدريب والتأهيل لزيادة اندماجه وتفاعله في المجتمع بجانب الجلسات الخاصة بالمركز .
علاج التوحد مشروع ربحي
وقال مايكل چورچ ، أخصائي تخاطب وتربية خاصة ، أن يوجد مراكز ومؤسسات خاصة تأسست لتكون مشروع ربحي غرضه جني المال فقط علي حساب هؤلاء الأطفال المصابين باضطراب التوحد ، وليس لديهم أي خطط أو معايير معينة بالإضافة أنهم لا يقدمون أي من الخدمات المتخصصة العلاجية والتي تناسب طفل طيف التوحد .
وأوضح "چورچ" أن أسعار الجلسات العلاجية مبالغ في سعرها وليس لها أي فائدة للطفل لأنهم لم يطبقوها بأسسها السليمة وكل هذا لاستغلال أولياء الأمور مادياً فقط .
وأكد أخصائي التخاطب والتربية الخاصة علي أن بعض الأسر تدفع المبالغ التي تطلبها المراكز العلاجية الخاصة لكونهم مضطرين علي إيجاد مكان لطفلهم وحتي لا يتدني سلوك الطفل ومستوي النطق لديه .
أساليب مراكز الربح
وأوضح الأخصائي مايكل چورچ أن معظم المراكز الخاصة تقوم بدمج جميع المصابين في نفس المكان وذلك خطأ فادح لأن جميع الحالات ليست متشابهه فلا يمكن دمج طفل إصابته بسيطة مع طفل صاحب درجة عالية من التوحد وحالته متأخرة وسلوكه غير معتدل فذلك الدمج سينتج عنه تأثير سلبي لكل الحالات الموجودة بالمركز وسيكسبهم عادات خاطئة ، والأصح دمج الحالات المتشابهة مع بعضها والبعد عن الأختلاط والدمج الغير صحيح .
وأكد "چورچ" أن جميع المراكز الخاصة لا تقوم بأهمال أطفال التوحد فبعض المراكز الخاصة لديهم أخصائيين وأطباء لديهم خبره وتساعد الطفل في تحسنه وتعديل سلوكه وتطويره وتقديم كل الخدمات المطلوبة ولكن بأسعار مبالغ فيها وبعض الأسر لا يتحمل وضعها المادي تلك الأسعار المرتفعة ، ويأملوا بأن يوضع حد لذلك وتكون الأسعار في المتناول ويجدوا حلول في ارتفاع أسعار خدمات المراكز الطبية الخاصة .
وبين أخصائي التخاطب والتربية الخاصة أن الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد يحتاج إلي مراكز تعتني به جيداً وتقومه وتساعده علي اكتساب الخبرات وتعلم المهارات الجديدة وتمكنه أيضاً من تطوير قدراته وذاته والاعتماد علي نفسه في تلبية احتياجاته الخاصة وتعزيز ثقته بنفسه لكي يتفاعل مع أسرته والمجتمع دون خوف أو قلق