كتب - رضوي أحمد - أسماء عيد
يتعرض أطفال طيف التوحد للعديد من الأساليب التربوية الخاطئة مثل العنف القائم على أيدي أسرهم سواء كان عنف لفظي كقول جمل قاسية ومؤذية للطفل أو عنف جسدي بالضرب ظناً منهم أنه السبيل الوحيد لتقويمهم وإسكاتهم ، وينعكس ذلك بالسلب علي أطفالهم لأذيتهم لجانبهم الحساس ويمكن أن يزيد ذلك الطفل عناداً حيث أنهم في حاجة إلى العناية والشعور بالحب والقبول من قبل أسرهم قليلي الخبرة .
أساليب التربية الخاطئة
قال محمد جمال ، أخصائي توحد ومدرب تنمية مهارات وتعديل سلوك ، إن طرق المعاملة الخاطئة فى تربية طفل التوحد ناتجة عن أسباب عدة منها التعنيف حيث تقوم بعض الأسر بتعنيف أطفالها من خلال الضرب والحبس ومواجهة بعض سلوكياتهم العنيفة مثل العض والخربشة بذات السلوك بالإضافة إلي غلق الغرفة عليهم لمدة طويلة مما يؤدي إلي نتيجة سلبية وهي عدم إحساس الطفل بالأمان تجاه الأهل وصعوبة التواصل معهم ، وزيادة درجة العنف لديهم .
وأوضحت أميرة يوسف ، أخصائية علاج النطق واللغة والحاصلة علي الدراسات العليا في التخاطب كلية علوم ذوي الإعاقة والتأهيل ، إن أسلوب الحماية الزائدة من أساليب المعاملة الخاطئة الموجة لطفل الطيف حيث يتمثل في خوف الوالدين علي الطفل بصورة مبالغ فيها وحرصهم الدائم علي ملازمة الطفل في كل موقف خوفاً عليه من خطر تعرضه للأذي الجسدي أو النفسي وتلبيه كل احتياجات الطفل وعدم رفض أي طلب له والقيام بواجبات الطفل ومسؤولياته نيابه عنه مما يفقد الطفل الشعور بمعني المسؤولية ويشعره أنه يحتاج دوماً للمساعدة .
وقالت "يوسف" إنه من تلك الأساليب أسلوب الرفض والنبذ مثل عدم توفير الوالدين الوقت اللازم لرعاية الطفل وعدم إشباع احتياجات الطفل العاطفية والمعنوية وإفتقاده للحب والعطف والانتماء .
وأشارت الأخصائية أميرة إلي أن أسلوب التذبذب يندرج ضمن تلك الأساليب ويتمثل في عدم اتباع أسلوب أو نظام تربوي محدد لإثابة وعقاب الطفل من قبل كلا الوالدين أو أحدهما وبالتالي يصبح الطفل مشتت وغير قادر علي التمييز بين السلوك المرغوب و السلوك غير المرغوب به ولا يتمكن من توقع أو معرفة رد فعل والديه علي سلوكه .
انعكاسات التربية الخاطئة
كما أوضحت أخصائية علاج النطق واللغة الآثار المترتبة على أساليب المعاملة الخاطئة في تربية أطفال التوحد حيث ينتج عنها العديد من المشاكل السلوكية والتي قد تظهر علي الطفل نتيجه تعرضه للرفض أو العنف أو الآلام النفسية أو البدنية أو الإهمال و قد تختفي سريعاً أو تستمر مع الطفل وتتكرر لمدة 21 يوماً وإذا استمرت وتكررت لمدة أكثر من ذلك فإنها تكون قد تحولت إلي اضطراب سلوكي .
وبينت "يوسف" أن أشكال المشاكل السلوكية تتضمن التبول اللإرادي ومص الأصابع وقضم الأظافر ورؤية الكوابيس نتيجة تعرض الطفل لمواقف محزنة أو صدمات ،وكذلك العناد والعنف العدواني ، ويمكن أن تنقلب المشكلة إلي صورة من الخجل نتيجة لنقص المهارات الاجتماعية لدي الطفل وضعف ثقته في نفسه مما يؤدي إلي ابتعاده عن الآخرين ، كذلك الكذب والسرقة نتيجة لإختلال سلوكياته السليمة .
مشاعر وتعبيرات ذوي التوحد
وأوضحت ندي حسن ، أخصائية تخاطب وتعديل سلوك ، أن الطفل ذو اضطراب التوحد قد لا يمتلك القدرة علي التعبير وتكون تعبيرات وجهه مناقضة لما يتواجد بداخله ويعجز عن التعبير بمشاعر الفرح التي بداخله والبعض لا يعانق أمه لفقر احتضانها له ولا يظهرون أي مشاعر انفعالية كالدهشة أو الحزن أو الفرح حتي إذا ظهرت تكون فاقدة للدلالات ، فهو يقلد الآخرين في بعض التعبيرات الانفعالية بدون إدراك .
كما أشارت "حسن" إلي أن هؤلاء الأطفال يعانون من اضطرابات في المزاج و نوبات غضب نتيجة لعدم قدرتهم علي التعبير عن احتياجاتهم ، مبينةً تأكيد الدراسات علي معاناة أطفال التوحد من الضحك والصراخ والبكاء دون سبب وعدم الإحساس الظاهر بالألم و عدم تقديرهم للمخاطر التي يتعرضون لها و الأضرار التي تلحقهم والأذي الذي يصيبهم .
سلوكيات عدوانية مدمرة
وقالت أخصائية التخاطب ندي أن الخطر يكمن في إيذاء أطفال الطيف لأنفسهم نتيجة لغضبهم من أمر ما وتوجيه سلوكهم العدواني نحو ذاتهم أو نحو عدد من أفراد أسرتهم أو للغرباء أو المتخصصين في رعايتهم وتأهيلهم ، موضحةً أن هذا السلوك يتميز بالبدائية كالعض و الخدش و الرفس ، وقد تتشكل عدوانيته إزعاجاً مستمراً لوالديه بالصراخ و عمل ضجة مستمرة وغالباً ما يتوجه العدوان نحو الذات حيث يقوم الطفل بعض نفسه حتي يجرح جسده أو يضرب رأسه في الحائط .
بينما أوضح أخصائي التوحد محمد جمال أن أطفال التوحد يكذبون في الأمور التي يخشون منها مثل الخوف من تلقي الضرب و يلجؤون لحيلة الكذب ، مشيراً إلي أنه من الطبيعي حدوث رد فعل انعكاسي من المعاملة الخاطئة والتعنيف علي الأطفال خاصة ذوي التوحد .
وبين د. أحمد ثروت أن الأهل يحدث لهم صدمة منذ معرفتهم بمشكلة أبنائهم بين حالة انكار وتخبط في متداخلات الاضطراب والاندفاعية في البحث عن سبل التأقلم والعلاج سواء كانت دوائية من مهدئات وفيتامين أو سلوكية و تأهيلية ، مؤكداً أنه يجب التعامل مع ذوي التوحد بتأني .